صعد ببطء على درجتى السلم,إستعد لدخول روتين حياته اليومى,يبدأ بركوبه الثعبان الحديدى ذو الثلاثة أجزاء . . ثم تتساقط عليه قطرات الملل كالغيث حتى نهاية يومه,جلس ببطء كرجل عجوز,لم يتردد لحظة فى أن ينظر أمامه,فاللون الاحمر جذب نظراته,طفلة صغيرة تحملها امها,وقد ارتدت الطفلة لونها الاحمر,إنه لون الوردة التى أهداها لحبيبته,لم تفهم حبيبته المغزى فى البداية,أو لعلها فهمت ولم تفصح,ابتسم فجأة فى وجه الطفلة فخافت,أخذت امها تداعبها لتهدأ,كانت امها من ذلك النوع المتحرر,تضع أحمر الشفاه وتلبس الجينز والبلوزة فاقعة اللون,ويطير شعرها الاسود بفعل الهواء القادم من النافذة,يذكره بشعرها فهو يتذكرها دائما,كان لها نفس الخصلات الناعمة السوداء.
(تذاكر .. تذاكر) كان صوت (الكمسرى) ايقظه من حلمه,لكنه أخذ ينظر الى يد (الكمسرى) فهو يرتدى ساعة يد يعرفها جيدا,إنها أول هدية أهدتها له فى عيد ميلاده,كان لازال يرتديها هو ايضا,مازال يتذكرها دائما.
نظر من النافذة المجاورة إنها الشمس ساطعة,كسر شعاع الشمس حاجز تفكيره,جعله يتذكر ذلك اليوم,حينما أراد ان يرد لها الهدية فى عيد ميلادها,يريد عقله ان يهرب لكن لا مفر فهو يتذكرها دائما,كان لا يمتلك الكثير من المال,بل كان لا يمتلك القليل حتى,أهداها خاطرة صغيرة لا زال يتذكرها حتى الان :
(أشرقت الشمس فسألتنى عن سر سعادتى
قلت للشمس اليوم هو يوم ميلادى
قالت لكنه ليس يومك بل يوم ميلاد الفتاةِ
قلت للشمس يوم ميلادها هو يوم ميلادى
فلولا هذا اليوم ما بدأت حياتى)
بكاء الطفلة أيقظه,كانت تبكى بحرقة شديدة,وفى الوقت الذى سقطت فيه دموع الطفلة سقطت دموعه,إنه يتذكر هذه الدموع جيدا,ترك مقعده ونهض فقد حان وقت نزوله,إتجه نحو الباب وهو لا زال يفكر,يفكر فى ذلك اليوم الذى سقطت فيه دموعه,تذكر طعنة السيف فى قلبه,تذكر نزيف الدمع من عيونه,على إنتقالها للعالم الآخر,اليوم الذى جعله وحيدا تائهاً,ألم أقل لكم فهو يتذكرها دائماً...